Thursday, August 6, 2009

الراحل المبدع الشاعر محمد الفايز صاحب ملحمتي (مذكرات بحار) و (أبناء السندباد) اللتان تحكيان تاريخ الانسان الكويتي




مقال للأستاذ غانم عبدالله منقول عن الشبكة الوطنية الكويتية نشرته في شبكتها الثقافية في ذكرى رحيل

شاعرنا الكبير التي تصادف 16 فبراير 2008


مازلت أذكر كل شيء عن مدينتنا القديمة
عن حارتي الرملية الصفراء والمقل الحزينة
لمّا نُحدق في السماء على السطوح

هل تتذكرون قائل هذه الأبيات...
هل تتذكرون صاحب هذه الذكريات...
هل تتذكرون شيئًا ما يُسمى مذكرات بحار....

حياته:هو محمد فايز العلي،ولد في الكويت عام 1938م،بدأ حياته العلمية من خلال "المُلا" يتعلم القرآن الكريم والقراءة والكتابة.قرأ بطون الكتب،وحفظ الدواوين الشعرية لفحول الشعراء،وكان يعتبر المتنبي معلمه الأول،فهو مفتون ويحفظ الكثير من شعره،عمل الفايز مُحررًا في مجلة "الكويت"،ومراقبًا للنصوص التمثيلية في التلفزيون،ومُراقبًا للنصوص الأدبية في إذاعة الكويت.
يُعتبرُ الفايز من أعلام المدرسة الشعرية الحديثة في الكويت،بدأ حياته الأدبية بكتابة القصة القصيرة،ثم انتقل إلى كتابة الشعر،صدر ديوانه الأول "مذكرات بحّار"في مطلع الستينات تحت اسم مستعار هو "سيزيف"،وعندما لاقى هذا الديوان إعجاب الكثير من الناس أصدره مرة أخرى ولكن باسمه الحقيقي.
حاز على شهادة الإبداع الشعري والأدبي"عبدالعزيز البابطين" التي أقيمت في القاهرة،وقد تُرجمت بعض قصائده إلى اللغة الفرنسية.
توفي الفايز في 27/2/1991م، وذلك بعد أن تحررت الكويت من الاحتلال العراقي."كان صامتًا...وأحيانًا يقرأ القرآن الكريم...وأحيانًا..يقرأ ديوان المتنبي رفيقه الدائم أينما ذهب...وأحيانًا أخرى يلعب الشطرنج مع أخي وائل وأختي عبير"، هكذا أفصحت "شذى" محمد الفايز عمّا كان يفعله والدها في آخر أيّاد حياته.
آثاره:للفايز عدة دواوين مطبوعة وهي"مذكرات بحّار-النور من الداخل- الطين والشمس-رسوم النغم المفكر-بقايا الألواح- ذاكرة الآفاق-لبنان والنواحي الأخرى-حداد الهودج-خلاخيل فيروز-تسقط الحرب-المجموعة الشعرية".
شعره:يُعتبر الفايز من الشعراء الذين يمثلون الجيل الجديد،المنفتحين على المذاهب الفنية الحديثة،ويُمثل مدرسة "الشعر الرومانسي" وله محاولات تقترب من آفاق الشعر الجديد.
تمتاز أشعاره بكشف الهم النفسي،وبالفلسفة الذهنية،ومزج التجربة الذاتية مع أحداث العالم الإنساني،كما يصفُ الواقع وما فيه من أحداث سياسية واجتماعية،والفايز في شعره ينقد الأحداث،ويتعرض لتفاصيلها الدقيقة،محاولاً أن يشرح كل الأفكار العامة والخاصة،كي يصل لأسباب هذه المشكلات في مفردات شعرية بعيدة عن الملل والسرد الروتيني،وقد تناول في شعره الوجد والغزل والوطن،والهم النفسي للبحار،ووصف الواقع وما فيه من حروب ودمار.
يُشكل عشق الكويت القديمة،وقصّة البحار محور إبداع الفايز،فهو يصوغ من الشعر صورًا ومشاهد إنسانية مؤثرة عن الكويت القديمة،ليُبدعَ رائعته الخالدة"مذكرات بحّار".
يقول الفايز في مطلع قصيدة"خليجية":
أرى لافحات الرمل أمست حدائقًا
تُناسِمُ رُبّانًا وتحضنُ طارقًا
تحاشدَ فيها العطرُ حتى تقدمت
منابتها لونين عطرًا وناشقًا
يُظللها ظِلٌ وإن كان لافحًا
فما زال نشوانًا ومازال شاهقًا
فيا حُسنها حتى بالآلام عُرسها
ويالُطفها مهما استحالت صواعقًا


ويقول في مُقدمة قصيدة"العامرية" من ديوان "النور من الداخل":
علقتُ كلَ شموعي في منازلكم
وفي دروبكم وزعتُ أقماري
وكلما عَصَفت ريحي بساحتكم
آويتكم بضلوعي وهي كالنارِ
حتى مضى جُلّ أيامي وما كشفت
أستار ليلكم الكهفيِّ أنواري
عشرون عامًا تقضّت،ليتها رجعت
لكي أبدل آرائي وأفكاري


يقول الفايز مُتغمصًا دور "البحّار" في المذكرة الثامنة من رائعته"مذكرات بحّار":

مازلت أذكر كل شيء عن مدينتنا القديمة
عن حارتي الرملية الصفراء والمقل الحزينة
لمّا نُحدق في السماء على السطوح
نضبت جِرارُ الماء،والغدران مثل يد البخيل
مَحلتْ ،فأمست كالقبور
مخسوفة سوداء تملؤها الصخور
وعلى الضفاف الغارقات
بالشمس والرمل المندّى والضباب
وقف الصحاب
يترقبون سفينة الماء التي قالوا: تعود
بالماء من نهر الشمال
فالأرض رملٌ والسماء
بيضاء صافية كنهرٍ من جليد
هيهات لم تمطر،ويهتفُ من بعيد
نفرٌ يُبشّرُ:أن صاريةً تلوح
كهلال مئذنة يغلفها الضباب
عبر العُباب
وعلى ظهور جمالنا الظمأى تحجرت القراب
سوداء فارغة يغطيها التراب
كبطوننا تحت الشراع
صلّي إذن،فالموت أقرب ما يكونْ
والريح أغرقت السفينة والسماء
حقدت علينا يا "أمينة"
صرخات طفلك في الظلام أتسمعينه؟
نهداك ملؤهما الحليبُ وأنت ظمأى تُرضعينه
في بيتك الطيني قابعة حزينة
تتساءلين عن السفينة
وعن السحاب،وعن رفاقي في المدينة
والأفق صحوٌ والنجوم
زرقاءُ تبرقُ مثل أقراطٍ ثمينة
وتثور عاصفة كأن قُوى الوجود
سمعت أنينك فوق أرضٍ لا تجود
إلا برمضاء الرمال،وبالدماء
والجوع والجدريّ يفتك بالصغار
ضحكاتهم في الليل تبرق كالنجوم،وفي الصباح
يتساقطون كما الزنابق حين تعصفها الرياح
وكما تنير الشمس أعماق الكهوف
إيماننا بالأرض ملءُ قلوبنا رغم الجفاف
نحن الرجال
نحن العطاءُ إذا تعذّرت الحياة على العطاء
وفي السماء
الجنة الخضراء والمطرُ الذي يروي الحقول
لا في القصور الشامخات
أو في خزائن مدينة"اسطنبول" أو "روما" البعيدة
تلك التي شبّت بها النيرانُ أبرقت السماء
عيناك تحت ضيائها الفجري تشرق يا "أمينة"
مثل الشموع
والريح كالراعي الذي ألقى عصاه
لينام خلف الأفقْ،والبركُ الحزينة
بدأت تُفتَح مثل أفواه الجياع
مثل البراعم حين يلفحها شعاع
حتى"خليفة" جارنا الأعمى تحسّس أن أمطارًا ستهبطُ يا "أمينة"
هل تسمعينه؟
هل تسمعين عصاه تقْري السلّم الطيني تبحث
عن مداه
فالسطحُ يزخرُ بالمياه
والبركةُ الجوفاء فارغة كبطن الذئب تبحث عن غذاء
أختاه أمطرت السماء
وذكرتُ قصة من تمرّد ضد طاغية عنيد
في ذلك الماضي البعيد
فتألبوا كي يقتلوه
وتساءل الملك الذي في كفه أمر المدينة
عن ميتة أقسى من الموت الذي قد قررّوه
فرموه في الصحراء حيث رؤى السراب
كالماء يبرق في مهاويها الرحاب
ويروح يركض ، ثم تنبجس المياه بكل خطوة
فإذا الرمال الصّفْر رَبْوة
خضراء تملؤها الأزاهر والطيور
وبكوخه عند الغدير
جلس المُشرّدُ كالنبي ليكتبَ الكتبَ الكثيرة
عن رحلة الإنسان فوق الأرض والدنيا الأخيرة
عيناه ينبوعان من نور وجبهته ظهيرة!

رحمك الله يا عاشق الكويت بماضيها وحاضرها






وهذا اليوتيوب الذي يمثل لوحة من حفل العيد الوطني عام 1979 تصدح فيها قيثارة الكويت سناء الخراز رائعة شاعرنا الراحل محمد الفايز "أبناء السندباد" الملحمة الكويتية الخالدة التي لحنها الأروع الموسيقار غنام الديكان أطال الله في عمره.وهو اهداء الى الشباب الكويتي العائد في قفال رحلة الغوص لهذا العام

No comments:

Post a Comment